تدريب المدربين: التعامل مع المشاركين صعبي المراس – الجزء الأول
يعد التدريب عملية هامة في تطوير المهارات والمعرفة لدى الأفراد داخل أي منظمة أو مجتمع، ويهدف إلى تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية. ومع ذلك، يواجه المدربون العديد من التحديات أثناء تنفيذ البرامج التدريبية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاركين صعبي المراس. هؤلاء المشاركون يمكن أن يشكلوا عائقًا حقيقيًا في تحقيق الأهداف التدريبية، حيث قد يتسببون في تعطيل سير الجلسات، أو قد يظهرون مقاومة للأفكار الجديدة أو للمفاهيم التي يقدمها المدرب. لذا، يعد فهم كيفية التعامل مع هؤلاء المشاركين من المهارات الأساسية التي يجب أن يتقنها كل مدرب.
فهم المشاركين صعبي المراس
لتعلم كيفية التعامل مع المشاركين صعبي المراس، يجب أولاً أن نفهم خصائص هؤلاء الأفراد وكيفية تأثير سلوكهم على بيئة التدريب. يمكن أن تتعدد الأسباب التي تجعل بعض المشاركين صعبي المراس، وقد تكون هذه الأسباب نفسية، اجتماعية، أو ناتجة عن خبرات سابقة في بيئات تعليمية أخرى.
-
المقاومة للتغيير: قد يكون بعض المشاركين متشككين تجاه أساليب التدريب الجديدة أو الأهداف التي يتم تحديدها في الدورة. هذه المقاومة يمكن أن تظهر في صورة رفض للمشاركة أو التفاعل السلبي مع المدرب.
-
الافتقار إلى الثقة بالنفس: بعض المشاركين قد يشعرون بعدم القدرة على متابعة المادة التدريبية، مما يجعلهم يتصرفون بشكل دفاعي أو سلبي. هذا الافتقار إلى الثقة يمكن أن يؤدي إلى تفاعلات سلبية مع المدرب.
-
التمسك بالعادات القديمة: في بعض الأحيان، قد يظهر المشاركون الذين لديهم سنوات من الخبرة في مجال معين مقاومة تجاه أي أفكار أو استراتيجيات جديدة قد تتعارض مع عاداتهم القديمة. هذه المقاومة قد تكون على شكل اعتراضات علنية أو تصرفات لا تعبر عن احترام كامل للمحتوى المعروض.
-
الانعزال الاجتماعي: هناك نوع آخر من المشاركين الذين يميلون إلى العزلة خلال الجلسات التدريبية. هؤلاء الأفراد قد يشعرون بعدم الارتياح في المجموعة أو يرفضون التواصل مع الآخرين، مما يؤدي إلى صعوبة في تحقيق التفاعل المثمر.
التحديات التي يواجهها المدربون مع المشاركين صعبي المراس
تعامل المدرب مع هؤلاء المشاركين يتطلب مهارات استثنائية، تتراوح بين التفاعل الاجتماعي الجيد والتقنيات النفسية المتقدمة. فيما يلي بعض التحديات التي يواجهها المدربون في التعامل مع هؤلاء المشاركين:
-
إدارة الصراع: قد يظهر الصراع داخل الجلسات التدريبية عندما يعترض أحد المشاركين بشكل متكرر أو يظهر سلوكًا هدامًا. هذا الصراع قد يؤثر سلبًا على باقي المجموعة ويؤدي إلى تدني جودة التدريب.
-
الاحتفاظ بالتركيز: عندما يظهر أحد المشاركين سلوكًا غير مرغوب فيه أو يطرح اعتراضات مستمرة، يصبح من الصعب الحفاظ على تركيز باقي المجموعة، ما يؤدي إلى تشتيت الانتباه وبالتالي تقليل الفائدة العامة.
-
فقدان الدافع: قد يعاني المدربون من انخفاض مستوى حماستهم أو دافعهم في التعامل مع المشاركين صعبي المراس، مما قد ينعكس على نوعية التدريب نفسه. يتطلب التعامل مع هذه الفئة من المشاركين طاقة إضافية وجهدًا كبيرًا للحفاظ على جودة الجلسات التدريبية.
-
التعامل مع المقاومين المستمرين: قد يرفض بعض المشاركين بشكل مستمر التفاعل مع النشاطات أو المواد التدريبية، وهو ما يضع المدرب أمام تحدٍ كبير. في هذه الحالات، قد يشعر المدرب بالعجز عن تحفيز هذا النوع من المشاركين.
استراتيجيات التعامل مع المشاركين صعبي المراس
على الرغم من التحديات التي يواجهها المدربون، إلا أن هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكنهم تبنيها للتعامل بفعالية مع المشاركين صعبي المراس. وفيما يلي بعض الأساليب التي أثبتت نجاحها في هذا السياق:
-
بناء العلاقة والتفاهم الشخصي: يعد بناء علاقة قوية ومبنية على الثقة بين المدرب والمشاركين أحد الأسس التي تساعد في تخفيف التوتر وتحفيز التفاعل الإيجابي. من خلال التعرف على خلفيات المشاركين واحتياجاتهم الشخصية، يمكن للمدرب أن يهيئ بيئة تدريبية أكثر راحة.
-
تقديم التقدير والمكافآت: من المهم أن يظهر المدرب تقديره لأي مشاركة إيجابية من المشاركين، حتى وإن كانت صغيرة. هذا التقدير يساعد في تعزيز السلوكيات المرغوبة ويشجع المشاركين على التفاعل بشكل أكبر مع المواد التدريبية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام أسلوب المكافآت، سواء كانت معنوية أو مادية، لتحفيز المشاركين على المشاركة الفعّالة.
-
استخدام تقنيات التحفيز الإيجابي: بدلاً من التركيز على السلوكيات السلبية للمشاركين، ينبغي على المدرب أن يسعى إلى تحفيزهم من خلال أساليب إيجابية مثل طرح أسئلة تفاعلية تشجعهم على التفكير النقدي والتفاعل مع الموضوعات المطروحة.
-
تقديم خيارات وتنوع في الأساليب: يمكن أن يساعد تقديم خيارات متنوعة للمشاركين في اختيار الطريقة التي يفضلون بها التعلم في تخفيف مقاومة التغيير. مثلًا، قد يتاح للمشاركين الاختيار بين العمل في مجموعات أو بمفردهم، أو استخدام أدوات متعددة مثل العروض التقديمية والفيديوهات لتدعيم المعلومات.
-
إدارة الجلسات بشكل ديناميكي: يعد الحفاظ على تفاعل المجموعة أحد العوامل الأساسية في منع تراجع مستوى الحضور والمشاركة. من خلال تقسيم الجلسات إلى أنشطة قصيرة ومتنوعة، يمكن للمدرب الحفاظ على حيوية الجلسة وتحفيز المشاركين على التفاعل.
-
الاستماع الفعّال والتفاعل الجيد: على المدرب أن يكون مستمعًا جيدًا للمشاركين، خاصةً إذا كان أحدهم يواجه صعوبة أو يظهر سلوكًا صعبًا. الاستماع بعناية يتيح للمدرب فهم الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك، مما يساعده على اتخاذ القرارات المناسبة للتعامل مع الموقف.
-
التحكم في الصراع: في بعض الأحيان، يمكن أن يظهر أحد المشاركين بشكل عدائي أو سلبي في الجلسة التدريبية. من المهم أن يتعامل المدرب مع الصراع بحذر، عبر تحييد الشخص المعني بشكل لائق دون التأثير على سير الجلسة، وتقديم الفرصة للجميع للمشاركة بطريقة بنّاءة.
-
تحديد القواعد والالتزام بها: من الضروري تحديد قواعد واضحة للسلوك في بداية الدورة التدريبية والتأكيد على أهمية الالتزام بها. هذه القواعد يجب أن تكون مرنة ولكن حاسمة في الوقت نفسه، حيث يتم التأكيد على أن أي سلوك غير لائق سيؤثر على باقي المشاركين وسيتم التعامل معه بالشكل المناسب.
الخلاصة
التعامل مع المشاركين صعبي المراس في بيئات التدريب يتطلب فهمًا عميقًا للطبائع الإنسانية وأدوات مناسبة لإدارة التفاعلات بين الأفراد. يمكن للمدربين تبني مجموعة من الاستراتيجيات التي تساعد على تحفيز المشاركين وتوجيههم نحو التفاعل الإيجابي مع المحتوى التدريبي. من خلال التركيز على بناء الثقة، استخدام التحفيز الإيجابي، والتفاعل الجيد، يمكن للمدربين خلق بيئة تدريبية منتجة تكون فيها كل المشاركة مفيدة وفعّالة.
